التطورات الأخيرة في اليمن وأثرها على إيران والعراق

مقدمة

التصعيد الإسرائيلي ضد الحوثيين في اليمن لم يعد مجرد ضربة عسكرية عابرة، بل تحول إلى مرحلة جديدة في قواعد الاشتباك الإقليمي، حيث ان اغتيال رئيس حكومة الحوثيين أحمد غالب الرهوي
وعدد من وزرائه كشف عن اختراق أمني واستخباراتي عميق، وفتح الباب أمام سلسلة اغتيالات قد تمتد إلى قيادات الصف الأول للجماعة، هذه التطورات تعكس تحولات أمنية وسياسية لها انعكاسات مباشرة على إيران والعراق، بوصفهما المركز والامتداد الحيوي للمحور الإيراني في المنطقة.

التحليل الأمني

  1. اليمن كساحة جديدة للصراع

تبنّت إسرائيل سياسة اغتيالات ممنهجة ضد القادة الحوثيين، شبيهة بتجربتها في الضاحية الجنوبية ضد حزب الله، حيث ان الهدف الأول لهذه الضربة هو إضعاف الذراع الإيراني الأخير
والأكثر فاعلية بعد تراجع نفوذ الميليشيات في سوريا والعراق وخصوصاً بضرباته المستمرة لإسرائيل وشبه سيطرته المياه العميقة للبحر الاحمر، اما بخصوص ردة الفعل والإجراءات الأمنية الأولية المتوقعة لأنصار الله لن تكون أكثر من (تقييد التحركات، السرية المشددة، منع الهواتف) في هذه المرحلة وهو ما يشير إلى حالة ارتباك داخلي غير مسبوقة وصدمة لن تزول اثارها في الوقت القريب القادم.

  • البحر الأحمر والملاحة الدولية

ان استمرار الضربات قد يدفع الحوثيين إلى استهداف السفن التجارية مجدداً في باب المندب والبحر الأحمر، أي تعطيل جدي للملاحة وهذا قد يستدعي تدخل دولي واسع بقيادة الولايات المتحدة،
مما قد يفتح جبهة أوسع تتجاوز اليمن والذي يجب ان يفكر به جماعة الحوثي بجدية في الوقت الحالي، لاستثمار بع الوقت لترتيب أفكارهم ووضعهم على الأرض.

  • البعد السيبراني ومعلومات العملاء

أشارت عدة تقارير اجنبية إلى هجمات إلكترونية سبقت الغارة الإسرائيلية، ما يبرز دور الحرب السيبرانية في كشف مواقع الاجتماعات، من ناحية اخرى اشارت عدة تقارير وتسريبات
الى وجود معلومات توفرت للكيان الإسرائيلي من عملاء على الأرض، وهو ما يفسر دقة الضربة الأخيرة وهذا يعكس انتقال المواجهة من مجرد صواريخ وطائرات مسيّرة إلى حرب معقدة
تشمل المجال الرقمي إضافة الى الاستخبارات الأرضية من عملاء وجواسيس، ليؤكد ان إسرائيل
لها أذرع في كل مكان كما حدث في حرب الاثني عشرة يوما على إيران.

التحليل السياسي

  1. إيران: انفقدان الحوثيين كذراع نشط سيضعف موقف طهران في المفاوضات النووية.

قد ترد إيران عبر:

  • تصعيد محدود عبر أذرعها في العراق وسوريا.
  • تعزيز برنامجها النووي كورقة ضغط وجودية.

حيث ان الخطر على إيران يتمثل في انتقال الاستهداف الإسرائيلي من وكلائها إلى بنيتها الداخلية
إذا فشلت في ضبط المشهد.

  • العراق

قد الفصائل الموالية لإيران في العراق ستكون رأس الحربة في الرد، ومن المتوقع زيادة الهجمات ضد القواعد الأميركية أو مصالح إسرائيلية غير مباشرة.

بالنسبة للحكومة العراقية ستواجه مأزقاً مزدوجاً:

  • ضغوط أميركية لضبط الميليشيات.

  • ضغوط داخلية من القوى الموالية لإيران.

  • المعادلة الإقليمية

واشنطن لن تترك الساحة لإسرائيل وحدها، بل قد تعزز وجودها العسكري في البحر الأحمر والعراق
واي مواجهة واسعة ستعيد خلط الأوراق في المنطقة، وقد تفتح باب تسويات جديدة أو حرب إقليمية أوسع.

التوقعات للأسابيع القادمة

اليمن:

  • تكثيف الضربات الإسرائيلية ضد قيادات الحوثيين، مع احتمالية انتقال الجماعة
    إلى تكتيكات “الذئاب المنفردة”.
  • البحر الأحمر: تهديد أكبر لحركة الملاحة الدولية، ما سيدفع نحو تدخل عسكري دولي منظم.

إيران:

  • استمرار التمسك بالملف النووي كخيار استراتيجي.

  • دعم غير مباشر للحوثيين عبر تهريب أسلحة أو تعزيز القدرات السيبرانية.

العراق:

  • تصاعد هجمات الفصائل القريبة من إيران ضد الوجود الأميركي.

  • محاولات سياسية من طهران لاستخدام العراق كمنصة ضغط على واشنطن وتل أبيب.

خاتمة

التطور الأخير في اليمن يمثل أكثر من عملية اغتيال، إنه بداية مرحلة جديدة في الصراع الإقليمي،
حيث تحاول إسرائيل تحييد الذراع الإيراني الأخير الفاعل، فيما تسعى إيران للحفاظ على توازن ردع مهدد بالانهيار، اما بالنسبة للعراق سيكون ساحة المواجهة غير المباشرة، بينما البحر الأحمر قد يصبح ساحة مواجهة دولية، الأسابيع القادمة مرشحة لمزيد من التصعيد، مع بقاء احتمال الانزلاق إلى مواجهة إقليمية مفتوحة قائماً.