تصاعد التوتر بين حزب الله وإسرائيل: من النزاعات الإلكترونية إلى اغتيال نصر الله

تصاعدت حدة التوتر بين إسرائيل وحزب الله منذ اندلاع الحرب في غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، مما أدى إلى تفجر المواجهات بين الحزب والقوات الإسرائيلية. وقد شكل يوم السابع عشر من سبتمبر/أيلول 2023 نقطة تحول كبيرة في شكل هذه المواجهات وتيرتها.

في ذلك اليوم، شهد لبنان انفجار مئات أجهزة الاستدعاء “البيجر” المستخدمة من قبل أعضاء حزب الله، مما أسفر عن مقتل عشرات الأشخاص، بينهم قياديون من الحزب، وإصابة أكثر من 2800 شخص، من بينهم أطفال وكبار سن، في مناطق مختلفة من لبنان. كانت هذه الانفجارات بمثابة صدمة للجمهور اللبناني، حيث أشارت إلى بداية مرحلة جديدة من العنف. وفي اليوم التالي، أثناء تشييع جثامين بعض القتلى، حدثت انفجارات جديدة لأجهزة الاتصال اللاسلكي، مما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 25 شخصاً وإصابة أكثر من 450.

مع تصاعد الأحداث، خرج حسن نصر الله، زعيم حزب الله، بتصريحات تدين إسرائيل، معتبراً الهجومين إعلان حرب، وموعداً إسرائيل برد قاسٍ. وأكد أن هذه الهجمات كانت تتطلب استجابة قوية من الحزب. من جانبها، أكدت إسرائيل دخول الحرب مع حزب الله مرحلة جديدة، مشيرة إلى أن قواتها مستعدة لمواجهة أي تصعيد من جانب الحزب.

استجابةً لهذه الأحداث، قامت السلطات اللبنانية بحظر حمل أجهزة الاتصال اللاسلكية على متن الرحلات الجوية، وطلبت المديرية العامة للطيران المدني اللبنانية من شركات الطيران إبلاغ الركاب بهذا القرار حتى إشعار آخر. وقد أثار هذا القرار قلقاً بين المسافرين، الذين كانوا يشعرون بتزايد المخاطر الأمنية.

تزايدت المواجهات بعد هذين الهجومين، حيث أعلن الجيش الإسرائيلي عن قصف نحو 30 منصة لإطلاق الصواريخ تابعة لحزب الله، بالإضافة إلى استهداف “بنية تحتية” أخرى في غارات جوية مكثفة. في المقابل، رد حزب الله بقصف المقر المستحدث للقيادة الإسرائيلية في ثكنة يعرا، مما أسفر عن مقتل جنديين إسرائيليين، أحدهما برتبة رائد، وأدى إلى إصابة العديد من الجنود في صفوف الاحتلال.

وفي 20 سبتمبر/أيلول، نفذ الجيش الإسرائيلي ضربة عسكرية في بيروت استهدفت قياديين بارزين في حزب الله، مثل إبراهيم عقيل، الذي اتهمته إسرائيل بالتخطيط لعمليات عسكرية ضد الجليل. كما قُتل القيادي أحمد وهبي، الذي كان يشرف على العمليات العسكرية لقوة الرضوان.

استمرت الغارات الإسرائيلية، حيث أعلنت القوات الإسرائيلية في 24 سبتمبر/أيلول عن مقتل إبراهيم محمد قبيسي، قائد منظومة الصواريخ في الحزب، بعد أن شنت طائرات حربية غارات على الضاحية الجنوبية في بيروت. وأكد الجيش أن قبيسي كان برفقة عدد من كبار قادة منظومة الصواريخ أثناء الغارة.

في 26 سبتمبر/أيلول، قُتل محمد حسين سرور، قائد الوحدة الجوية لحزب الله، إثر ضربة جوية استهدفت الضاحية الجنوبية. وقد وصف الجيش الإسرائيلي سرور بأنه أحد رواد مشاريع إنتاج الطائرات المسيّرة في لبنان.

وفي 27 سبتمبر/أيلول، استهدفت الطائرات الإسرائيلية مركز قيادة حزب الله في الضاحية، حيث وردت أنباء أولية عن استهداف حسن نصر الله. في اليوم التالي، أعلن الجيش الإسرائيلي رسمياً عن مقتل نصر الله وعدد من قادة الحزب، مثل علي الكركي، قائد جبهة الجنوب، ومحمد علي إسماعيل، قائد الوحدة الصاروخية، مما أثار ردود فعل واسعة في لبنان وخارجه. أعلن لبنان الحداد ثلاثة أيام، بينما أعلن المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي الحداد لمدة خمسة أيام، مما يعكس أهمية الحدث في سياق العلاقات الإقليمية.

تباينت الآراء حول مقتل نصر الله؛ فقد اعتبره البعض إجراءً للعدالة، بينما اعتبره آخرون استهتاراً بالقوانين الدولية. كما شهدت طهران احتجاجات ضد إسرائيل بعد الإعلان عن مقتله، حيث خرج المواطنون في مظاهرات مناهضة للاحتلال. فيما عبرت وزارة الخارجية السورية عن استنكارها لهذا الحدث، معتبرةً إياه انتهاكاً لسيادة لبنان.

من جانبه، وصف الرئيس الأمريكي، جو بايدن، مقتل حسن نصر الله بأنه “إجراء من أجل العدالة لضحاياه العديدة”، وأكد دعم الولايات المتحدة الكامل لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد حزب الله وحماس والحوثيين

تظل الأسئلة مطروحة حول الفجوة التي سيتركها مقتل زعيم حزب الله بعد ثلاثين عاماً من قيادته، وما قد تؤول إليه الأوضاع في المنطقة في ظل هذه التطورات المتسارعة.

مشاركة

المزيد من المقالات